أم حسين: طلعوا ابني بالثمانية ميت يابس، هو أول ضربة حاول اللي اللي الناس حشت عنا عشان تنقذ أخوانه، دخل داخل بحد أكثر اختنق، ما عرفت اسمهم اكو.. شغلة الإسلاح أني ما أعرف بصواريخ، ظهر القنبلة دبوها تسمم صار لأنه ذاع دم من أذناه ومن حلقه، طلعوه ميت بقوا أولادي التلاتة بنتي واثنين ولد وابن أخويا أيضا كان ضيف عندي بالبيت و.. يا ولدي للملجأ، يعني خمسة ماكو.. ما عرفت عنهم أي شيء.أم غيداء: قالوا ما تعرفين أي شيء من عندهم.. قال: كلهم أشلاء متقطعة ومتفحمة وأصريت بأن أروح وقلت لهم: قلب أم فالأم حتى لو لما تتعرف عليهم فتحس بيهم، ماشت أتوقع الصاروخ الأول والثاني عليهم.
أحمد جودي: فأتذكر من صفحة الأخرى للملجأ (لضباط) الطوارئ كل واحد نص الدرج، يعني بنص الدرج بعد (ضباط) الطوارئ سحبناه هما شان واضح فاقد.. بس بيه الحياة الروح والنفس، فيعني برغم إنه حرارة واكو ودخان بيجي من أدها.. أني مديت رأسي إلى بره وهي شي يعني جتني لحظة يمكن ثانية أو أقل يعني جزء ثانية يمكن بس، هذه الجزء الثانية ظلت في بالي ولحد الآن وما تنمحي.
أم غيداء: فاضطروا يعني يخلوني بالسيارة رحت يوم طب العدلي، باب طب العدلي، ما خلوني أنزل من السيارة، حاولت أكسر لجام السيارة، المهم يعني فتحتها نزلت فنزلت صارت أمامي بيكم، البيكم كلها أشلاء ما للشهداء، فبجي اللحظة ويا أول نظرتي على بيكم اتقربت لقيت أم، أم ماسكة طفلها هذه الإيد مسكتها، وبهذه الإيد هاي كلتها طايره من إيدها باقي بس العظم هذا معلق بيها، ونايمه عليه ها الشكل، فقدت، ورجعوني البيت وأنا ما بأحس بيها..
أحمد جودي: شيء صعب علي وصفها.. وكأن الجحيم نفسه بعينه.. كل شيء انهار.. نار كلها نار.. حتى النار يمشي، يعني لحد الآن أذكَّر خطفة نار تمشي يعني جزء من إنسان محروق وإيديه.. ما قدرت أدخل أقدر أدخل..
عباس أرناؤوط: إلى مستشفى اليرموك كان ينقل المصابون ومن الذين يومها كانوا هناك ممرضتان.
عبلة جاسم (ممرضة): كنت بالليلة خفر، وطلعنا لقاعة لاستقبال الجرحى، واتلقينا الجرحى من بينتهم سبعة أطفال.. والشهداء بعدين جابوا إلى هون.. سوينا الإسعافات الأولية للمرضى وبعدين جابوا لنا الشهداء تقريبا 54، 57 شهيد، أطفال ونساء ورجال ما بأعرف.. ما بنميز بيناتهم.. بس بنلفلف الجثة وما نعرف شو مين..
جانيت خوشم (ممرضة): كلها حروق كانت.. ماكو إصابة مختلفة.. كلهم حروق..
عبلة جاسم: حروق مشوهين يعني كلهم.. ما نقدرش نشوف بيناتهم..
جانيت خوشم: والله هي الصورة كلها كموقف اللي كان ملجأ للشهداء اللي جابوهم كلها صاروا يعني مهزلة وما بتكلش يعني..
عباس أرناؤط: النار والدمار والحرارة عاقت عملية الإخلاء فاستمرت أيامًا ثلاثة بلياليها، المقدم عبد الكريم عبد الله وصل الملجأ بعد خمس دقائق من قصفه.
عبد الكريم عبد الله (الدفاع المدني): هذا الموقع الأول اللي حضرت فيه فرق الدفاع المدني، الحقيقة كانت فيه قضبان حديدية اللي هي أعاقتنا للدخول بالبداية، فإحنا سارعنا إلى الأبواب الاضطرارية اللي في حسابات فرق الدفاع المدني تدخل على الأبواب الاضطرارية والخروج الاضطراري، فتحركت الفرق وحركناهم إلى الأبواب الاضطرارية اللي موجودة بالموقع المقابل.
عباس أرناؤوط: البناء طوابق ثلاثة، مساحة الطابق 500 متر مربع، سمك جداره يزيد على متر ونصف المتر كذلك سقفه المسلح بعوارض حديدية سمكها أربعة سنتيمترات، تؤدي أبواب الطوارئ الخلفية إلى الطابق تحت الأرض وتؤدي سلالمه الداخلية إلى الطابق الأرضي حيث كان يقيم الملتجؤون.
عملية نقل الضحاياعبد الكريم عبد الله: .. بدينا دخول الفرق دفاع مدني الموقع ودخلنا إلى الممر الرئيسي إلى قاعات الملتجئين.. ممر ليوصلنا إلى سلم الطوارئ الرئيسي اللي يدخلنا إلى القاعة الرئيسية.. الطابق الأرضي اللي يربط بين الممرات اللي خارج عن النظام الاضطراري وموقع الطابق الأرضي.. الممر الأول الموصلة للموقع الرئيسي.. الطابق.. هذا ما بتشوفه طبعا الغرفة اللي موجودة حاليا أمامنا تستخدم.. تستخدم في التمرير.. التمرير.. تمرير الملتجئين، الإصابات اليومية نكون إحنا في موقع الممرضات.. وهذا الممر اللي كان يربطنا بالموقع الرئيسي للطابق الأول، هذا هو نفس الممر ومن شان إحنا يعني نشوف مخلفات استخدام المياه لفرق الإطفاء بالنسبة للدفاع المدني والفرق الصامدة، صارت لاحقة كان موقف صح بيتوقف كل شيء بالملجأ، .. بعدين لكثرة العمل واستمرارية العمل كان.. ضخم، هذا خلَّف حقيقة منفصل من الجسد يعني أشلاء بسيطة.. وكانت متركبة بالمياه.. وكانت موجودة..اللي تشوفه بها الممر هذا الحالي أمور خدمية، يعني على الجانب الأيمن الأمور خدمية بالنسبة للملتجئين، مخازن، مواد غذائية، في حال أمامك شوف هما ضرورا نتيجة العصف اللي صار.. الأضرار اللي حصلت.. هذا حالياً بالطابق الأول.. مخازن للمواد الغذائية بالنسبة للملتجئين كانت مخصصة من قبل الدفاع المدني تستخدمها للملتجئين وها بالنسبة للموقع اللي هانشوفه..
عباس أرناؤوط: ممكن لألف وخمسمائة شخص أن يلجأوا داخله لأيام دون الحاجة إلى العالم الخارجي، فهو مجهز بالماء والغذاء والكهرباء والهواء النقي غير الملوث.
عبد الكريم عبد الله: ممكن نستعين بالإنارة اللي نستخدم ها الإضاءة شوية تساعدنا لأن المكان أظلم.
عباس أرناؤوط: يحتوي على قاعات رياضية، وسائل ترفيه وتسلية، عازل لصوت الإنفجارات في الخارج، تم اختيار موقع الضربة لقربه من خزانات الوقود الذي يستعمل لتشغيل المولدات الكهربائية الداخلية مما أدى إلى إشعال الوقود وإحداث حريق كبير أصاب الملتجئين.
عبد الكريم عبد الله: هذا الضوء اللي نشاهده هو نفاذ االقنبلة للطابق الأسفل هذا الضوء الطبيعي، من الطابق العلوي للطابق الأسفل اللي استقرت به القنبلة ونفاذها في هذا الموقع بتكون بالقرب من خزانات الوقود اللي ساعد على الاشتعال، وأدى إلى حدوث الحريق الكبير داخل الملجأ، وهذا ضوء طبيعي نافد من الأعلى إلى أسفل..عباس أرناؤوط: وسط الدخان الكثيف تم فتح الباب الداخلي إلى الطابق الأرضي وبدأ إخلاء الضحايا.
عبد الكريم عبد الله: حقيقة أول ما واجهنا هو.. المنطقة المحترقة.. باللحظة بشكل واضح، منطقة طبيعة موقعها كانت.. لأول ما نقدم، وكانت يعني أصوات ولاد.. استروني الله يستركم.. حطيت.. النار اللي بيها.. ولفيتها ببطانية من.. إلى سيارات الإسعاف لأنها كانت على قيد الحياة بالإضافة إلى كلمات الشهادة اللي كانت ترددها، وهذا الموقع دليل على وجودها كانت نتيجة العصر اللي كان قام الموقع واستقرت في هذا المكان، وبعدين صار..
عباس أرناؤوط: وزن الباب الخارجي خمسة آلاف كيلو جرام من الحديد الصلب، يغلق تلقائيا عند حدوث انفجار في الخارج ولا يمكن فتحه بعد إغلاقه إلا من الداخل والأموات لا يفتحون الأبواب.
عبد الكريم عبد الله: .. لأنه درجة الحرارة كانت عالية.. نتيجة النيران اللي موجودة وكثافة الدخان اللي كانت بتؤثر على كل عمليات فرق الدفاع المدني بالإطفاء والمقاومة، فبدينا بالترتيب يعني نسحب الجثث اللي موجودة قريبة بالموقع بمساعدة مكافحة النيران للفرق والانتقال من موقع إلى آخر، وبدينا نحتل موقع موقع، اللي موجود أمامنا هي الفقاعات اللي كانت المواطنين ملتجئين بيها وكانوا بأوضاع الحقيقة اللي شاهدناها بالموقع بأوضاع مختلفة نتيجة العصف، نتيجة الحرارة، نتيجة الاحتراق أوضاع أو أشكال بمكانتهم.. فبدينا نعمل من هذا الموقع واستمرينا إلى نهاية القاعات باستمرارية استمرت تلاتة أيام.الحقيقة أصعب موقف اللي شاهدته فعلا بمكان هو قرب هذه دعامة باليوم الثالث اللي هو عمليات انتشال الجثث المتبقية وأشلاء الشهداء، في الحقيقة جت بدنا رائحة من يوم الثالث يعني بتكون رائحة موجودة بالموقع نفسه، وهذا الموقع الحقيقة كان مغطيه الكونكريت اللي ناتج عن العصف والقضبان الحديدية بالنسبة للمكان كانت مغطية هذا الموقع فشكينا بإنه أكو جثة أحد الشهداء في هذا الموقع فعملنا على قطع القضبان وإزالة الكتل الكونكريتية اللي موجودة، والحقيقة المشهد كله شان يعني مؤلم جداً وامرأة هذا المكان اللي شاهده هنا كانت امرأة بهذا الوضع.. امرأة طفلها في حالة رضاعة على صدرها وبكامل، هيكلهم الكامل محترق.. الحقيقة كان الموقف مؤلم جداً مؤلم بشدة، يعني بقينا ندور على الجثة وإحنا متألمين دقايق.. كانت إصابتها برأسها فقط، الطفل بكامل جثة وهي نفس الحال حتى ملابسها بالكامل، الحقيقة أصعب موقف عشناه في ملجأ العامرية هو هذا المشهد.
عباس أرناؤوط: ممن كان داخل العامرية لحظة الانفجار أربعة عشر كتبت لهم الحياة بعضهم تكلم وبعضهم غير قادر على الكلام.
ملجأ العامريةصالح غفوري (من الناجين): دخل الصاروخ إن كان صاروخ حسب.. دخل، أحدث نارًا ودخانًا في داخل الملجأ بحيث أصبحت.. أصبح عصف شديد لا يستطيع أن أحد ما تتوقع.
بشرى طلال: انضرب الصاروخ الأول نتيجة العصف الشديد اللي كان بيه شمالي أنا والسرير مالتي خارج الملجأ شو مرت بالممر الخارجي..
صالح غفوري: في هذه الأثناء كسرت يدي اليسرى من المفصل وقدمي اليمنى من المفصل أيضا، ابني اللي يمي وجدته مش.. عني ما يقارب مترين سحبته.. زحف، ذهب زحفاً إليه، سحبته وضعته في حضني، التفتت يمين وجدت أحد النايمين بالملجأ اللي هو حسب ما سموه لي اسمه أحمد من الناجين، وبت أبكي بس في حالة في وقتها بكاء وعويل وأصوات نازلة، صرخات نازلة تبكي.. أخذ الطفل مني راح.. لا أعرف إنه أخرجه أم لا، ظليت أني في داخل الملجأ.
عماد حسين: فعلاً كنت مصاب بإصابات وحروق كل شي قوية بوجهي وبأيدي ورجلي يعني تقريباً، فنزلت للدرج نحو الأسفل، مشيت الطريق كل شي أظلم ومصاب كنت.. فكنت أمشي.. أمشي ما أعرف الطريق إلى وين يوديني، فمشيت مشيت إلى أن لقيت نفسي يعني خارج الملجأ.
صالح غفوري: بديت أزحف على أولادي الباقين حتى أجيبهم وصلت مسافة، فيه شيء وقع على رأسي ما بحس بنفسي نهائيا بعد ما عرفت شو اللي صار.
بشرى طلال: يعني أذكر يعني أذكر الحادثة أذكرها تعرف لأني كنت في هول كامل، يعني كأنه يوم الهول يعني لا يعرف والدة عن ما أرضعت ولا تعرف.. يعرف الأب بيعرف ابنه يعني بالضبط يوم هول كان.
صالح غفوري: بعد شهر ونص وجدت نفسي بالمستشفى، وجدت نفسي بالمستشفى، قلت لهم: إني ما يخالف أطفالي وين؟ يجيبوا لي سعد، قلت لهم: سعد أنا طلعته، أنا أريد الباقين.
عباس أرناؤوط: من الناس من يترك وروده، ومنهم من يترك دموعه، ومنهم من ترك لنا رسالة علنا نوصلها إلى الأحياء أو إلى من غادروهم ولم يعودوا.
بان سلمان: لا تصدق ظليت الستة أشهر ما مصدقة إن هي ميتة، أتوقع إنه يجون، بس ما بعد ييجوا إيه.. ما عندي غيرها بعد يعني، أنا انتهيت، بقيت وحدي.. يعني راحت..
أحمد ضياء فاضل: والدي سوى لي عملية تجميل لإيدي ولجسمي، بس أنا ما قبلت لأن هذا كنت وسام أفتخر به مدى حياتي.
أم غيداء: إحدى العربيات صاحت وامعتصماه وأنا أصيح واعرباه.
أحمد جودي: رسالة طولها تسع سنوات وطويلة وما تتلخص بكلمتين.
أم حسين: اللي عنده ضمير يشوف مصيبة العامرية، ويسأل لماذا ينضربوا أطفال العامرية؟
بان سلمان: كانت آخر لحظة تقولوها يعني.. (قبل ما يصير الضرب) والصواريخ كانت تمشي.. تقول أنا أحب السلام، تستغرب وتقول يا مام شنو.. أنا بأحب السلام ما أريد ضرب، ها جملتها.. اللي.. أقولها لنفسي.
أطفال: عيد ميلاد سعيد، عيد ميلاد سعيد، عيد ميلادك يا غيداء، عيد ميلاد سعيد، سنة حلوة يا غيداء، سنة حلوة يا غيداء، سنة حلوة يا غيداء، سنة حلوة يا غيداء.
عباس أرناؤوط: ضحايا العامرية أربعمائة وازدادوا ثمانية، بينهم مائتان وإحدى وستون امرأة، اثنان وخمسون طفلا رضيعا، أصغرهم طفل عمره سبعة أيام، لا أثر له ولا صورة تروى أنه ولد وعاش بيننا أياما.انتصار سعيد أحمد العمر 3 سنوات، سالي أحمد سلمان 7 سنوات، عادلة عبد الجبار 66 سنة، عريدة صالح شهاب 16 سنة، حيدر محمد حميد سنة واحدة، حرية جاسم محمد 47 سنة، كرار طالب سنة واحدة، جمره حسين خضر 81 سنة، هالة رعد محمد شهر واحد، جاسميه عبد خلف 84 سنة، علياء فراس حسين سنة واحدة، مكية حواز خلف 82، حيدر عبد الرسول عباس سنتان، محمد مؤيد حميد سنة، محمد كاظم عباس سنة.إيمان، إسراء، أمل، خلود، مصطفى، ذو الفقار 93 سنة، مصطفى، ذو الفقار 93 سنة، فاطمة 17 سنة، عدنان 9 سنوات 82، ثلاث سنوات ، سنة سنة، سنتان، شهر واحد، سنة سنة سنتان، سنة، شهر واحد سنه سنه سنتان سنة..ويبقى السؤال: عندما يركب الإنسان طائرة بدلاً من عربة يجرها حصان أيعني هذا أنه أصبح أكثر تحضراً؟