ولد يفغيني بريماكوف في مدينة كييف الأوكرانية سنة 1929 وتخرج من معهد موسكو للدراسات الشرقية سنة 1956 وحصل على الدكتوراه في الإقتصاد عام 1959 . عمل في راديو روسيا في قسم البلدان الأجنبية , تعلم العربية وأجادها بطلاقة , وأمضى 30 عاما في صفوف الحزب الشيوعي الروسي . تعرف على عبد الناصر عن قرب , وأمضى سنوات عديدة خلال الستينات في المنطقة العربية مراسلا لإذاعته ومراسلا لصحيفة برافدا .. وجاسوسا لبلده لصالح الإستخبارات الروسية ( كي جي بي ) .
تعرف على صدام حسين ومعمر القذافي وأنشأ علاقات طيبة معهما , وعند عودته من المنطقة العربية عين مديرا لمعهد الدراسات الشرقية في موسكو , وفي العام 1990 إختاره غورباتشوف ليكون عونا له في ما عرف وقتها بالبريستوريكا والدياغنوست .. أي سياسة الإصلاح والإنفتاح . عينه الرئيس الروسي السابق يلتسين وزيرا للخارجية سنة 1996 ثم رئيسا للوزراء عام 1998 , وهو حاليا يشغل وظيفة رئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا الإتحادية .
بريماكوف هذا كان عراب محرقة ملجا العامرية .. يومها كان مبعوثا من قبل الولايات المتحدة الى صدام للتفاوض على الإنسحاب من الكويت رغم الفعاليات العسكرية الدائرة , ومن المؤكد أنه هو الذي كان يوصل لصدام رسائل مزدوجة تحثه على الإنسحاب لكنها تعزز في نفسه فكره العناد والمقاومة , وهكذا راح في ملجأ العامرية ما يقرب من ألفي بشر من العراقيين تفحما . وقد شاهدناه بأعيننا برفقة صدام عند باب ملجأ العامرية ساعة قصفه , ولم نسمع ذلك من الأخبار , بعد يومين أعطى صدام إيعاز الإنسحاب غير المنظم من الكويت , فتمت بوساطة بريماكوف غير الحميدة .. أقذر مجزرة بشرية في القرن العشرين .
وبريماكوف هذا كان كلما زار العراق بعد إحتلال الكويت علت نبرة صدام أن أرض الكويت للعراقيين بعد أن يجف نفطها ويتركها الكوايتة الى غير رجعة . من تصريحات بريماكوف بعد تقطيع أوصال يوغسلافيا .. ثم تقطيع أوصال صربيا الى : صربيا , وإقليم كوسوفو تحت إدارة الأمم المتحدة بسبب مصادر الثروات التي يتمتع بها الإقليم , وبحجة إضطهاد الألبان المسلمين الموجودين في إقليم كوسوفو الصربي ..... يقول بريماكوف (( من حق الصرب القاطنين في كوسوفو إعلان إستقلالهم )) . فأي تقطيع هذا لبلد كان الى ما قبل عشر سنوات بلدا واحدا من المؤمل بعد هذه النصيحة الغالية أن يتحول الى 8 دول !!؟
يوم 11 من الشهر الجاري زار بريماكوف كردستان العراق وصرح بنفس الجملة التي كان يهمسها في إذن صديقه صدام عن أرض الكويت ونفط الكويت , لكنه غير التسمية هذه المرة الى كركوك ونفط كركوك فقال في مؤتمر صحفي عقد في أربيل : (( كركوك يجب أن تكون جزءا من إقليم كردستان وهذا يجب أن لا يؤثر في العلاقات الكردية العربية في العراق كما يجب عدم وضع النفط في الإعتبار عند بحث مسألة كركوك لأن النفط ربما يجف وستكون هناك مناطق اخرى غنية بالنفط )) .
لسنا بصدد الإعتراض على حق قد يناله شعبنا الكردي اذا ثبت صحة عائدية هذا الحق له , لكننا بصدد فضح هذا البلياتشو الروسي الذي إرتضى لنفسه أن يشتغل بوظيفة مرسال أمريكي الى عند صدام من أجل إحراق العراق برمته , وشهادتنا عليه فجر الحريق الأسود لملجأ العامرية خير إدانة , ما الذي كلفه به الأمريكان من جديد ليجعله يدلي بهذا التصريح عن كركوك ؟ اذا جاز لنا أن نطبق ما حصل في يوغسلافيا على ما سيحصل في العراق , فالمخطط الأمريكي سيقطع اوصال العراق بأجمعه .. وستبقى الورقة الأخيرة هي ورقة كركوك ... سيتم فصلها عن أي كيان هي ملتحقة به , كما تم فصل إقليم كوسوفو عن صربيا .. لا توجد سياسة غبية في العالم يمكن أن تمنح نفط كركوك لا لعرب العراق ولا لكردهم ولا لتركمانهم .. وليذهب بريماكوف بلياتشو السياسة هو وكراته وقروده والحبال التي يتقافزعليها منذ أن كان مذيعا حتى قفزه الى حبل رئيس وزراء وصولا الى تراجعه الى حبل رئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا الإتحادية الحالية .. وهي واحدة من دول الكومون ويلث حالها من حال أي من جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق التي حين غادرت الإتحاد المنهار فقد إنضوت تحت خيمة الكومون ويلث لمداواة خرابها الإقتصادي .. وحين يلهث إقتصادها خلف الجنيه الإسترليني .. فلم لا يلهث رجالها !!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق