إنها الساعة الثانية،
وثلاثون ..من بعد منتصف الليل ..
بغدادُ نائمة .. والهزيع ثقيلْ ..
وحده النهر مستيقظ .. والمنائر ..
والقلق المتربص، خلف جذوع النخيلْ ..
صرخت طفلةُ الخوفِ في نومها ..
وتخبّط في العش فرخُ يمام ..
وصاح المؤذن في غير موعده:
- استيقظوا ..أيها النائمون
وماد المدى .. وتجعّد جلدُ الظلام
واقشعرّ السكون:
ترى أما كان يمكن إلا الذي كان؟
ماكان يمكن إلا الذي سيكونْ..؟
كانْ، لامناص، سوى أن تُخان،
على صدق حبك، ياصاحبي، أو تخونُ؟
هو ذا قمر من دم، قد التصقت كسرُ الخبز فيه ..
دم، وترابُ
وهرُّ على منكبيه .. غرابُ
ولقد نظرتُ بمقلتيْ ذئب الى وطني،
وأحسستُ العزاء، يجيئني، دبقا .. يبللّه اللعابُ
ورأيتني، أتشممُ الجثث الحرام.
أفتشُ القتلى عن امرأتي ..
لكنْ .. صاح غرابُ البين
فانشقًّ المشهدُ قسمين:
مشهد، عن يسار ضريح الحسين ..
وآخر، في ملجأ العامرية ..
ورويداً.. حتى يبتديء القصفُ،
وتصعدُ، من بين شقوق الإسمنت المحروق،
تراتيل الخوف، ترافقها أصواتُ مخاض
تسقطُ قنبلةٌ .. تسقط أخرى .. أخرى
ينفجرُ الملجأ .. ينهدم السقفُ .. وتحترقُ الدنيا
فنموت ..
ونسمع بين الموت، وبين اليقطة..
صوت جنين .. يضحك في الأنقاضْ