في هذا الحوار يتحدث مدير الأخبار السابق في التلفزيون العمومي، عمار بخوش، عن علاقة التلفزيون بالرئاسة وعن علاقته شخصيا بالرئيس الشاذلي بن جديد، ومدير ديوانه المثير للجدل، العربي بلخير، وكيف حاول الرئيس الراحل، إنقاذ العراق من الحرب، بعد غزوه للكويت. وتحدث بخوش عن الجولات التي رافق فيها رئيس الجمهورية، إلى عدد من الدول العربية، ويروي تفاصيل مثيرة عن دخوله بيروت برا، كأول رئيس يزورها منذ 17 سنة بسبب مخاطر الحرب، ويكشف عن الأسباب التي كانت وراء فشل المبادرة الجزائرية، وعن الدور الذي لعبه التلفزيون العمومي في تكسير الحصار الإعلامي عن العراق إبان العدوان الأمريكي العربي على بغداد.
وما ذا حصلتم خلال هذه الجولة بشأن حلّ الأزمة وتجنيب العراق الحرب؟
كان الرئيس الشاذلي قد حصل من صدام على الموافقة على المبادرة الجزائرية مقابل الانسحاب من الكويت والحصول على ضمانات، بحجة أنه هو من وقف في وجه إيران التي كانت تهدّد دول الخليج، لكن النية كانت مبيتة حتى يأمنون شرّ صدام.
بعد إنهاء الجولة الثانية من موريتانيا دخلنا الجزائر لمدة يومين، وبدأنا التحضير لجولة ثالثة نحو الولايات المتحدة الأمريكية. صعدنا الطائرات وكنا ننتظر الإشارة بالانطلاق نحو واشنطن، وفي يد الرئيس الشاذلي موافقة من صدام، وتغذينا في الطائرة، وبعد مدة جاءنا الخبر بأن الرحلة ألغيت، وفهمنا أن جورج بوش الأب والملك السعودي فهد بن عبد العزيز وجابر الصباح أمير الكويت، رفضوا المبادرة الجزائرية فلم يتحقق شيء.
وبعد نحو أسبوع كنا ننتظر اندلاع الحرب، ترأس عبدو بن زيان اجتماعا لمسؤولي التلفزيون تقرر خلاله تمديد ساعات البث من أجل مرافقة أحداث الحرب في العراق.. بعد أسبوعين بعثنا عمار شواف إلى العراق، كأول قناة عربية تصل بغداد، إلى جانب قناة “السي آن آن” الأمريكية التي وافق عليها صدام لإيصال رسائله للشعب الأمريكي.
كنا ندفع 13 ألف دولار مقابل البث عبر أطلنطا الأمريكية ثم لندن فروما فالجزائر. وهنا جاءت قضية ملجأ العامرية، وكان يومها مدير الأخبار لقناة راي 3 الإيطالية برفقتي، وحينها وصلتني مراسلة عمار شواف، وطلب مني الايطالي شراء ثلاث دقائق من صور ملجأ العامرية، فقلت له خذها هدية من عندي.
بثت “راي 3” الإيطالية المشاهد المؤلمة والوحشية ونقلتها عنها القنوات الأوروبية بما فيها الفرنسية، ومما قاله أحد الفرنسيين، إن الصور مصدرها الجزائر وعليكم أن تأخذوها بحذر، وبذلك كان التلفزيون الجزائري قد حلّ الغلق على ما يجري في العراق.. والمفيد في كل هذا هو تنفيذ كلام الأمريكيين الذين كانوا يقولون إن العمليات في العراق هي عمليات جراحية، وعندها اتخذ الملك فهد قرارا بإنشاء قناة أوفشور “آم بي سي” وأسند المهمة للخضر الإبراهيمي، علما أن الصحفيين الذين أطروا هذه القناة هم صحافيون جزائريون.
وهل حصلتم على التزامات مبدئية من مبارك والأسد؟
بالفعل، ولكن القرار ليس بيدهم، بدليل مشاركتهم في الحرب على العراق، كما أن مبارك هو من ضغط لتمرير قرار المشاركة في الحرب عبر الجامعة العربية. لولا تخاذل بعض القادة العرب لما حصلت الحرب.. لقد خذلوا العراق والمبادرة الجزائرية. الجزائر سعت ولها أجر ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق