"هدى الزعبي" تبني الجسور على خطا علاقة "Arn" بـ"صلاح الدين"
مع ان Arn مقاتل صليبي وان بوش الاب والابن هم من قاد الحملة الصليبية والتي قصف ملجأ العامرية خلالها إلا ان الزغبي تقول:
فكرة عملي في المجال السياحي لم تكن واردة إلى ذهني في أول إقامتي بالسويد، ولكن ما حدث في ملجأ العامرية يوم 13/2/1991 في تمام الساعة الرابعة والنصف فجراً حيث وصلت هدية بوش الأب لأطفال ونساء العراق فكانت جريمة حرق ملجأ العامرية والتي كان ضحيتها (14 رجلا و 26 شابا و 89 طفلا و 73 طفلة و 66 شابة و111 امرأة)، الحدث الذي فجّر أحاسيسي وأظهر الحزن الدفين في داخلي، إلى أن التقيت بصحفي سويدي رآني وأنا أبكي بحرقة على ما حدث فقال لي حينها: "هدى إذا أردت مساعدتهم فيجب عليك أن تدرسي وتتعمقي بدراسة تاريخ بلدك"، لتعرّفي العالم برسالتك الشرقية السامية وهكذا كانت البداية.
هو شخصية صليبية رسمها كاتب سويدي ليظهر لنا علاقة الاحترام التي كانت بين فارس صليبي و"صلاح الدين الأيوبي"، كان قد أصيب في إحدى المعارك، فأحسن "صلاح الدين" معاملته وطلب من طبيبه الخاص مداواته إلى أن تحسن.
Arn أحب العرب وعندما عاد إلى بلاده طلب من "صلاح الدين" أن ينهل من الحضارة العربية، فكان له ما أراد وأرسل معه العلم والمال إلى أوروبا.
ومع ان للسويد دور خبيث في جريمة محرقة ملجأ العامرية سأكشف ملفاتها قريباً ان شاء الله إلا انني نشرت موضوع الزغبي وعلاقاتها السويدية هنا للاستماع للرأي الاخر في الحروب الصليبية وقصف ملجأ العامرية ورأي السياسيين السويدين في جريمة الامريكان في احتلال العراق:
«لقد التقينا من قبل»:
في الواقع، كانت شخصية آرن نموذجاً لمجتمعه السويدي والإسكندنافي والأوروبي عموماً، بكل ما تحمله من أبعاد زمانية ومكانية وإرث تاريخي وتخلف اجتماعي، ليأتي لقاؤه بصلاح الدين، تلك الشخصية الفذة بما تحمله من تطور حضاري وفكري وإنساني في ذلك الزمان، ميّز العرب والمسلمين وقتها، فكان هذا اللقاء بحسب المؤرخين من حسن طالع وسوء طالع آرن في ذات الوقت، فمن جهة تعلم وفهم وحاول استيعاب الحضارة بوجهها الإنساني، ومن سوء طالعه أنه لم يستطع أن يغير إلا القليل في بلاده التي كانت تعيش أسوأ مراحل تخلفها فيما بات يطلق عليه اليوم بالعصور المظلمة التي عمت أوروبا كلها في القرون الوسطى..
في المحصلة يعتقد كثيرون في هذه البلاد أنه رغم كل ذلك كان آرن وعبر لقائه صلاح الدين ممن وضعوا خطوة بمسافة الألف ميل أولاً في مسيرة التطور التي تعرفها بلاده، السويد اليوم، وثانياً في مشروع الحوار والانفتاح بين الحضارتين العربية والإسلامية من جهة والحضارة الأوروبية والغربية من جهة أخرى.. وهو المشروع الذي يجد ترجمته اليوم في السويد عبر نشاطات جمعية الثقافة العربية السويدية، الذي يحمل اسماً مستمداً من أسطورة آرن ورحلته إلى المنطقة العربية (لقد التقينا من قبل).
خطوة أخرى في مسافة الألف ميل!
عبر قصة آرن، ومن خلال المعاني التي تحملها، تحاول سيدة الأعمال والمستشارة الثقافية السياحية، ورئيسة جمعية الثقافة العربية السويدية من أصل سوري، هدى الزعبي، مواصلة مشوار الحوار والانفتاح على الآخر، وتأخذ على عاتقها أن تضيف خطوة أخرى على طريق التواصل واللقاء بين الحضارتين العربية والإسلامية التي تستمد الزعبي جذورها منها والإسكندنافية والأوروبية التي اندمجت فيها وتنتمي إليها اليوم باعتبارها مواطنة سويدية، وذلك رغم انقلاب الأدوار بين أحفاد صلاح الدين من جهة وأحفاد آرن من جهة أخرى!!
تقول هدى الزعبي: نعمل من خلال مشروع (لقد التقينا من قبل) على تغيير العقلية السويدية والإسكندنافية، أو بالأحرى تصحيح النظرة إلينا كعرب ومسلمين، مضيفاً: تبيّن لي من خلال حواراتي ومن خلال هذا المشروع أن هناك نقصاً كبيراً بالمعلومات عن الشرق الأوسط.. المعلومات الوحيدة المتوافرة هي عن إسرائيل، أما فيما يخص قضايانا فحتى المعلومات المتداولة هي مغلوطة، وحتى السياسيين لا يعرفون عنا شيئاً.. إنهم لا يعرفون حتى ما هي الروابط التي تجمعنا كعرب، ولا يفهمونها!!
وبالفعل، تؤكد النائبة في البرلمان السويدي عن الحزب اليساري أليس أوسلو، على هذه الفكرة، فكرة غياب المعلومات عن كل ما يتعلق بالقضايا العربية التي ينفرد حزبها بنظرة ورؤية موضوعية حيالها كقضية فلسطين واحتلال العراق بشكل خاص، فتقول:
التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط يتأثر هنا في السويد بما يُضخ في وسائل الإعلام العالمية، ونحن نعرف أن معظم هذه المعلومات التي تبثها وتنشرها وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية يحمل وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر القائمين عليها فيما تغيب عنها الحقائق أو يتم قلبها لتتوافق مع مصالح الغرب.
تضيف أوسلو: نحن كحزب يساري نملك رؤية مختلفة لقضاياكم، ونعرف مثلاً فيما يخص قضية فلسطين أنه من غير المنصف والمجدي أن يتم الضغط على الفلسطينيين ودفعهم لتقديم المزيد من التنازلات فيما ترفض إسرائيل من جانبها تقديم أي تنازل، كما نعتقد أن غزو العراق واحتلاله جاء مخالفاً للشرعية الدولية، وحتى لو اعتبروه تحريراً فإنه لم يجر تحت مظلة الأمم المتحدة..
وإذا كان هذا الرأي وهذه النظرة هي الأكثر موضوعية وجرأة في الوسط السياسي السويدي، وهي نظرة حزب اليسار، فلنا أن نتخيل كيف هي الصورة في باقي المشهد السياسي السويدي الذي يبدو متأثراً إلى حد كبير بحسب العديد من المراقبين والصحفيين هنا بالمقاربة الأمريكية والأوروبية لقضايانا، وهذا التأثر يبدو موصولاً إلى شرائح كبيرة من المجتمع السويدي باستثناء شريحة من المثقفين والصحفيين والكتاب ممن زاروا المنطقة وعاينوا مشاكلها عن قرب.افهم نفسك أولاً!
هذه العبارة هي الجواب على السؤال المحير الذي مازال العرب يطرحونه على أنفسهم هنا وهناك.. لماذا لا يفهموننا ويفهمون قضايانا؟
إنه الجواب الذي اكتشفته السيدة هدى الزعبي وعدد قليل من العرب والسوريين في السويد.
تقول الزعبي: عندما جئت إلى هذه البلاد قبل 28 سنة عرفت وأحسست أن كل الناس ضد قضيتنا، لم يقولوها صراحة، ولكنها كانت واضحة بالنسبة لي، ولذلك تعاهدت مع نفسي ألا أعمل أي شيء في هذا البلد إلا لصالح قضية بلادي، وهنا بدأ مشواري في بلدي الحالي (السويد).
تضيف: عملت في مجالات متنوعة، أتقنت اللغة السويدية أولاً وخضعت للعديد من الدورات وورشات التدريب (فهذا بلد لا يخلو من ورشات العمل والتدريب، إنه كخلية نحل).. تعلمت أن أستمع وأراقب، وأدركت هنا قيمة العمل الجماعي، فهذا أيضاً بلد مبني على أساس العمل الجماعي، وهو سر نجاح وتطور السويد وغيرها من المجتمعات المتفوقة.
وبعد أن انخرطت في عشرات الدورات التدريبية في مختلف المجالات، بدأت هدى الزعبي العمل مع اللاجئين العرب والأكراد في الثمانينيات، تقول: تعاملت أولاً مع حوالي 2000 لاجئ وكنت صلة الوصل بينهم وبين مختلف هيئات الدولة التعليمية والصحية وغيرها... وأظهرت السيدة السورية تميزاً واضحاً في عملها الأمر الذي دفع المسؤولين والمتابعين لعملها على تشجيعها لإنشاء جمعية وتأسيس مشروعها الخاص. وكان الخيار هو السياحة باعتبارها أفضل وسائل التواصل بين الشعوب، والطريقة الأفضل لجعل الآخرين يرونك على حقيقتك كما تقول.
وتتذكر الزعبي أحد أكثر الأحداث التي تعتبرها نقطة تحول في حياتها: «في عام 1990 ضُرب ملجأ العامرية في بغداد، بينما كنت في اجتماع بأحد المراكز الثقافية، فرحت أبكي لهول ما حدث، فجاء صحفي سويدي كبير ليسألني لماذا تبكين وأهلك ليسوا هناك؟ فصعقت للسؤال ورحت أشرح له الروابط التي تجمعنا كعرب والظلم الواقع على بلادنا وأطماع الغرب ودعمه لإسرائيل على حسابنا، فاستوقفني قائلاً: هدى.. أنا أعرف كل شيء.. لكن أنت يجب أن تتعمقي أكثر في تاريخكم وتفهميه أكثر، ويجب بعد ذلك أن تحاولي إيصال ذلك إلى السويديين عبر دورات ولقاءات تتحدثين فيها عن بلدكسورية وعن البلاد العربية، يجب أن تعرضي قضاياكم أمامهم» تقول الزعبي: كانت هذه محطة هامة لأعرف ماذا أريد وأحدد خياراتي..
بعد ذلك أسست الزعبي مشروعها الخاص (وكالة السفر البدوية Bedouin Travel AB) وبدأت بالترويج لجولات سياحية إلى سورية ولبنان والأردن، وكانت بالتزامن مع ذلك تقوم بتقديم عروض فنية وثقافية عبر جمعية الثقافة العربية السويدية، »التي ترأسها حالياً» عروض استطاعت كما تقول الزعبي تعريف الشعب السويدي بثقافتنا العربية وتراثنا وقضايانا أكثر مما تستطيع أي سفارة أن تقوم به، وركزت خاصة على منطقة بلاد الشام، لكن المشروع لم يخلُ من الصعوبات والمنغصات التي كانت تطرأ في كل مرة نتيجة للظروف التي تعيشها المنطقة العربية (فأعمالي والبرامج والرحلات السياحية التي كنا نعد لها كانت في كل مرة تتأثر بما يجري في منطقتنا من أحداث وحروب..).
منذ ذلك الوقت استطاعت السيدة السورية تنفيذ العديد من الجولات السياحية للسويديين بمن فيهم من سياسيين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية ذهبوا إلى سورية وعاينوا الواقع وتأثروا كثيراً بما شاهدوا وسمعوا..بعد الانفتاح ورغم الانفتاح!!
اليوم، وبعد أن تغيرت الأحوال في سورية، واتجهت البلاد نحو الانفتاح، ازداد نشاط هدى الزعبي وأصبحت دائمة السفر بين سورية والسويد، تتابع عن كثب ما يحدث من تغيرات وتطورات خاصة على صعيد البيئة التشريعية.
تقول: في مؤتمر المغتربين السابق كنت من بين المدعوين.. وتأثرت بالدعوة الصادقة للرئيس بشار الأسد للمغتربين بالمساهمة في بناء البلد وشعرت بالمسؤولية تجاه ذلك، لأبدأ بدوري هنا في السويد بدعوة رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الاقتصادية إلى الاستثمار في سورية، شارحةً لهم التغيرات التي تحصل في البلد والقوانين الجديدة التي تصدر تباعاً.. والإمكانيات الكبيرة والمزايا التي يمكن أن يحققها لهم الاستثمار في سورية.
تضيف الزعبي: أحاول استثمار كل علاقاتي في المجتمع السويدي (وهي كثيرة ومتشعبة) لإقناع المستثمرين في السويد بالتوجه إلى السوق السوري القادم إلى الانفتاح.. واليوم وقبل انطلاق مؤتمر السياحة في دمشق حشدت كامل طاقتي لإقناع بعض الشركات السويدية بالحضور والاطلاع على الفرص التي يمكن أن يوفرها المؤتمر.
لكن الزعبي، ورغم ذلك، تشكو من وجود العديد من الصعوبات التي تواجه اندفاعها هذا وتتعلق جميعها بآلية سير الأمور في سورية.. فالدعوات للمؤتمر التي تحصل في سورية غالباً ما تصل متأخرة، الأمر الذي لا يتيح غالباً استجابة واسعة في أوساط المستثمرين والمسؤولين السويديين الذين يحضرون للذهاب إلى مؤتمرات كهذه، وتتم دعوتهم إليها قبل عام على حصولها أو على الأقل ستة أشهر، وليس كما يحصل في حالتنا، بحيث لا نعلم بأي مؤتمر سوى قبل شهر أو شهرين من انعقاده.. وهي مدة غير كافية للتحضير!
وتنتقل الزعبي إلى معوقات أخرى مازالت تعيق توجه المستثمرين إلى سورية.. فالفساد مازال أهم عقبة يمكن أن تمنع الأجانب والمغتربين على حد سواء من الذهاب إلى سورية للاستثمار، وهناك العديد من الحكايات عن حجم الفساد والرشاوى الكبير هناك.. وأعتقد أن المشكلة استفحلت اليوم بحيث نرى أن هذا الفساد الذي كان يتموضع في مفاصل المؤسسات والإدارات العليا انتشر ليصيب المستويات الأقل ويصبح ثقافة لدى معظم الناس.. وهذه مصيبة كبيرة.
رغم ذلك لا تستبعد سيدة الأعمال السورية – السويدية إمكانية البدء بمشروع خاص بها في بلدها الأول.. معتبرةً أن هناك الكثير من الأفكار حول ذلك بحاجة إلى التبلور والنضوج.
سوريّة أخرى.. في بلد آخر!
جاءت من لندن لحضور مؤتمر الثقافة العربية – السويدية، وكان لقاؤها فرصةً لمعرفة المزيد عن السوريين في بلدان الاغتراب الأوروبية، إنها الفنانة التشكيلية والإعلامية السورية لوريس إبراهيم التي تعيش في لندن.
تتحدث لوريس إبراهيم عن الألم الذي يعتصرها للفرص التي نضيعها كعرب وسوريين في التعريف عن قضايانا، مستغربة المنطق الذي نتعامل وفقه مع الشعوب والحكومات الأوروبية.
تقول في هذا السياق: يجب أن لا نلوم الأوروبيين على عدم تفهمهم لقضايانا، وامتلاكهم لوجهات نظر لا نحبذها، إنهم ينظرون إلينا كما نقدم أنفسنا، ليسوا مقصرين بقدرنا، إنهم يتلقون معلوماتهم وبالتالي يشكلون وجهات نظرهم ورؤيتهم لقضايانا كما تطرحها وسائل إعلامهم، فلماذا لا نحاول الدخول عليهم بنفس الأسلوب، أين وسائل إعلامنا الموجهة إلى أوروبا؟ علينا أن نجعلهم يفهموننا ويقتنعون بصوابية مواقفنا عبر الأفعال وليس بالكلام والمزيد من الكلام!! ليس هذا فحسب، بل إنهم يحكمون علينا من خلال سلوكيات وأعمال المقيمين منا هنا في ديارهم، وهي سلوكيات غير مقبولة على الإطلاق.
ويؤكد على هذا الأمر العديد من العرب والسوريين والسويديين أيضاً.
فالعرب هنا مثلاً في السويد كما في لندن يرفضون الاندماج بمعظمهم، ويرفضون تعلم لغة البلد الذي أصبح بلدهم الآن، ما يعني بالضرورة رفضهم العمل الذي يبدو متاحاً هنا على الأقل في السويد لكل من يتعلم لغة البلد، ويكتفي معظم المهاجرين من العرب والمسلمين بمنحة الحكومة السويدية والرواتب التي تدفع لهم كتعويض عن البطالة الأمر الذي يترك أثراً سلبياً لدى الشعب السويدي تجاه هؤلاء معتبرين أن هؤلاء يعيشون على حسابهم ومن خلال الضرائب التي يدفعونها من جيوبهم للحكومة، والأسوأ من ذلك أنهم ينغلقون على أنفسهم وعلى بعضهم في مجتمع وبلد يوفر لهم فرصاً لا يحلمون بها في تطوير أنفسهم وإقامة مشاريعهم الخاصة وهو ما استطاع بعض المهاجرين من أوروبا الشرقية وتركيا وإيران استثماره بشكل كبير، فأسسوا مشاريعهم الخاصة واندمجوا في مجتمع السويد الذي لا يخلو من تعصب لكنه مفتوح لكل مواطنيه الراغبين بالاندماج.
إذن يفضل عدد كبير من المهاجرين العرب وخاصة الوافدين حديثاً إلى السويد تقاضي مبلغ (2000) كورونر أي حوالي 400 دولار أمريكي، مع إمكانية الاستشفاء مجاناً على بذل أي جهود لتعلم السويدية والحصول بعدها على فرصة عمل حقيقية، ومن يعيش في السويد يعرف أن هذا الراتب لا يكفي الحد الأدنى من حاجة الإنسان، اللهم إلا من يقفل على نفسه الباب رافضاً مجرد النظر إلى عالم من الفرص والأحلام الضائعة!ردة فعل سلبية
في الواقع لا يقدم هؤلاء المهاجرين نموذجاً جيداً للعرب والمسلمين في السويد كما غيرها من البلاد الأوروبية، ويمكن لكثيرين من العرب أنفسهم أن يشرحوا لك ردة الفعل السلبية وتصاعد الغضب والكره والتعصب تجاه العرب والمسلمين عموماً نتيجة لما سبق.
تقول لينا الجبلي (أول صحفية من أصل عربي تستطيع اختراق كل الحواجز والدخول إلى أهم مؤسسة إعلامية سويدية – تلفزيون SVT): من خلال عملي كصحفية استقصائية في الراديو والآن في التلفزيون أستطيع ملاحظة الإصرار لدى الكثير من المهاجرين العرب والمسلمين على البقاء في قواقع ورفض الانفتاح على مجتمع يحتضنهم بعد أن طردتهم بلدانهم الأصلية.
وتسرد لينا الفلسطينية الجذور والسويدية المولد بعض الأمثلة التي عملت عليها شخصياً فتقول: عملت أولاً على موضوع أعتقد أنه في غاية الخطورة وهو يظهر العقلية العربية والشرقية التي يصر معظم المهاجرين على تكريسها هنا، فالعائلات المسلمة بمعظمها تسمح لأبنائها الذكور بمرافقة الفتيات السويديات وإقامة العلاقات الجنسية وغير الجنسية مع هؤلاء الفتيات، لتقوم من جهة أخرى بمنع بناتها حتى من الاختلاط الطبيعي مع السويديين من الذكور، في منطق يظهر مدى التناقض والتخلف الشديدين، الأمر الذي أدى لدى انكشافه للسويديين إلى ردة فعل غاضبة تجاه كل ما هو عربي ومسلم، وهو ما استوجب من الحكومة السويدية اتخاذ إجراءات مشددة تجاه الأهالي الذين يمارسون مثل هذا السلوك، فأصبح الآن بإمكان الفتاة العربية والمسلمة فوق عمر 15 سنة أن تشتكي للجهات المختصة من سلوك أهلها ومنعهم لها من الاختلاط أو التقارب من السويديين لتقوم هذه الجهات بنقلها من بيت أهلها ومنعهم من رؤيتها وإيداعها في مؤسسات رعاية تكفل لها حرية المخالطة والزواج حتى بمن تريد!! فالقوانين السويدية تمنع التمييز بين الذكور والإناث وتكفل الحرية للشاب والفتاة باختيار نوع الحياة التي يرغبان بها بغض النظر عن موقف الأهل.
من جانب آخر، وفي موضوع آخر يظهر المبررات التي تدفع السويديين إلى التعصب وكره العرب والمسلمين، يظهر أحد التحقيقات التي يعمل عليها التلفزيون السويدي أن مخالفات كثيرة يتم ارتكابها من قبل العرب والمسلمين، في بلد يعتبر من أكثر بلدان العالم التزاماً بالأنظمة والقوانين.
وتضرب لينا مثالاً آخر في هذا السياق لتقول: عندما كنا نعمل على تحقيق تلفزيوني حول وجود بعض الجهات التي تبيع الكحول المغشوشة لمراهقين سويديين دون سن الـ20 (يمنع القانون السويدي بيع الكحول لمن دون سن العشرين) اتضح أن الموزع الرئيسي لهذه المادة كان فلسطيني الجنسية.. وتشير لينا هنا إلى هول صدمتها عند معرفتها أن نفس الشخص الذي يبيع الكحول لمراهقين سويديين يمنع ويحرّم على أبنائه الشرب والاختلاط أيضاً!!سوريّو السويد وسوريّو سورية!!
تعيش في السويد جالية سورية تضم بضعة آلاف معظمهم من السريان والآشوريين والكلدان، ويتركز هؤلاء في العاصمة السويدية استوكهولم ومدينة غوديبيرغ الجنوبية، وعلى عكس معظم العرب يتمتع هؤلاء بسمعة جيدة في السويد، نظراً لانخراطهم في المجتمع السويدي ونجاحاتهم الملحوظة على صعيد التجارة والأعمال (استيراد وتصدير) وهناك حي كامل في استوكهولم معروف بأنه دمشق الصغرى هو حي سودر تيلييه (Soder Talije)، وفي المقابل هناك قسم من السوريين يعملون في مطاعم خاصة بهم أو في مطاعم تركية، من هؤلاء بيتر حنا الذي استوطن في مدينة غوديبرغ منذ عشر سنوات، ويعمل حالياً في أحد المطاعم التركية المنتشرة في المدينة.
يقول بيتر: هذه بلاد رائعة، وتفتح أبوابها لكل الناس، ومن يريد العمل هنا عليه أولاً إتقان اللغة السويدية.
ورغم إعجابه بالحياة هنا والمدخول الكبير الذي يحصل عليه من عمله هذا، إلا أنه يشير إلى غلاء المعيشة وحجم الضرائب الكبير الذي يدفع للدولة، فيقول: أتقاضى حوالي 100 كرونر في الساعة أي حوالي 600 كرونر في اليوم و3000 كرونر في خمسة أيام عمل في الأسبوع بما يوازي حوالي 12 ألف كرونر في الشهر (أكثر من 100 ألف ليرة سورية)، إلا أن نسبة الضرائب العالية (تقتطع الحكومة 30% من الراتب شهرياً) وغلاء إيجار المساكن (بين 4 و6 آلاف كرونر شهرياً) إضافة إلى فواتير الكهرباء والمياه وغيرها، لا يسمح بادخار الكثير من النقود، رغم أن الاستشفاء مجاني، ورغم أن الدولة تدفع مبلغاً كبيراً كتأمينات للتقاعد.
ويؤكد على هذه الفكرة العديد من المهاجرين والسويديين فيقول أحد الصحفيين السويديين: يحصل الصحفي المبتدئ مثلاً في أهم تلفزيون سويدي على 22 ألف كرونر فيما يحصل الصحفي المحترف على 31 ألفاً ليرتفع الأجر لدى مدير التحرير (برودريسر) إلى حوالي 55 ألفاً تحصل الدولة منها أيضاً على 30% كضرائب، فيما تدفع المؤسسة لكل واحد من هؤلاء ما يوازي مرتبه كتأمينات صحية وتقاعد وغيرها...
وفي مقارنة بسيطة بين الواقع المعاشي والأجور بين سورية والسويد يتبين وبما يدعو للدهشة أنه مع حساب غلاء المعيشة الكبير جداً في السويد مع المعيشة في سورية رغم ارتفاع الأسعار الكبير مؤخراً، أن لا فرق كبيراً كما نتخيل بين ما يتقاضاه على سبيل المثال صحفي سويدي وآخر سوري، ولكن مع وجود العديد من الفروق الجوهرية، فأولاً الصحفي السويدي يعمل في مؤسسة واحدة تدفع له هذا الأجر ومثله كتأمينات فيما يعمل الصحفي السوري في مؤسستين أو ثلاث على الأقل ليتقاضى مبلغاً موازياً لزميله في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، ولكن غالباً بدون وجود نظام تأمينات يكفل له كل احتياجاته الصحية وغير الصحية، وتقاعداً مريحاً ومرفهاً، لا بل يستطيع عبر أنظمة الإقراض والبنوك والتأمين امتلاك منزل بمواصفات فاخرة وسيارة على الأقل من طراز فولفو أو ساب السويديتي الصنع إن هو رغب، على عكس الصحفي السوري الذي يحلم غالباً باقتناء منزل في أحد أحياء المخالفات أو سيارة من طراز شام سورية التجميع!
في المحصلة يبدو جلياً أهمية شبكات الضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي التي توفرها الحكومة السويدية وبأفضل نوعية معروفة في العالم على عكس مثيلتها السورية التي وإن توفرت فهي في أدنى جودة معروفة في العالم!! وربما هذا هو الفرق بين اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تنتهجه السويد ويوفر حياة كريمة ومرفهة لسكانها واقتصاد السوق الاجتماعي الذي تحاول سورية انتهاجه منذ سنوات دون أن يسفر حتى الآن سوى عن إفقار الشريحة الواسعة من الشعب رغم تحسن الرواتب والأجور المزعوم!!
أكلة لحوم البشر.. أرقى أمم العالم!!
قبل نحو ألف عام ذهب أحمد بن فضلون العربي المسلم في رحلة قادته إلى بلاد الشمال (الدول الإسكندنافية) ليشهد على وجود بشر من آكلي لحوم البشر في تلك البلاد، وليُصعق بوجود أقوام وسلالات الفايكنغ المتوحشة والبربرية في وقت كانت الحضارة العربية والإسلامية تشرق بثقافتها وتطورها على سائر المعمورة، وتبدع في كافة العلوم ومجالات الحياة..
أما اليوم، وفيما لو قُيّض لابن فضلون أن يعلم أن هذه البلاد التي عرفها في رحلته تلك تحولت إلى أرقى ثلاث دول في العالم تضم السويد والدانمارك والنرويج وتتمتع بأعلى مستويات الدخل والرفاهية المعروفة في العالم، وبأحسن درجات الشفافية الاقتصادية والقانونية والسياسية وبأفضل سجل لحقوق الإنسان والحيوان على حد سواء، لكان صرخ بأعلى صوته: أريد أن أكون فايكنغ!!
تعليقي: يا ابن فضلون رغم مرور الف عام ورغم كل هذا التطور والانسانية إلا انهم لا يزالون يأكلون لحومنا ...
مع ان Arn مقاتل صليبي وان بوش الاب والابن هم من قاد الحملة الصليبية والتي قصف ملجأ العامرية خلالها إلا ان الزغبي تقول:
فكرة عملي في المجال السياحي لم تكن واردة إلى ذهني في أول إقامتي بالسويد، ولكن ما حدث في ملجأ العامرية يوم 13/2/1991 في تمام الساعة الرابعة والنصف فجراً حيث وصلت هدية بوش الأب لأطفال ونساء العراق فكانت جريمة حرق ملجأ العامرية والتي كان ضحيتها (14 رجلا و 26 شابا و 89 طفلا و 73 طفلة و 66 شابة و111 امرأة)، الحدث الذي فجّر أحاسيسي وأظهر الحزن الدفين في داخلي، إلى أن التقيت بصحفي سويدي رآني وأنا أبكي بحرقة على ما حدث فقال لي حينها: "هدى إذا أردت مساعدتهم فيجب عليك أن تدرسي وتتعمقي بدراسة تاريخ بلدك"، لتعرّفي العالم برسالتك الشرقية السامية وهكذا كانت البداية.
هو شخصية صليبية رسمها كاتب سويدي ليظهر لنا علاقة الاحترام التي كانت بين فارس صليبي و"صلاح الدين الأيوبي"، كان قد أصيب في إحدى المعارك، فأحسن "صلاح الدين" معاملته وطلب من طبيبه الخاص مداواته إلى أن تحسن.
Arn أحب العرب وعندما عاد إلى بلاده طلب من "صلاح الدين" أن ينهل من الحضارة العربية، فكان له ما أراد وأرسل معه العلم والمال إلى أوروبا.
ومع ان للسويد دور خبيث في جريمة محرقة ملجأ العامرية سأكشف ملفاتها قريباً ان شاء الله إلا انني نشرت موضوع الزغبي وعلاقاتها السويدية هنا للاستماع للرأي الاخر في الحروب الصليبية وقصف ملجأ العامرية ورأي السياسيين السويدين في جريمة الامريكان في احتلال العراق:
«لقد التقينا من قبل»:
في الواقع، كانت شخصية آرن نموذجاً لمجتمعه السويدي والإسكندنافي والأوروبي عموماً، بكل ما تحمله من أبعاد زمانية ومكانية وإرث تاريخي وتخلف اجتماعي، ليأتي لقاؤه بصلاح الدين، تلك الشخصية الفذة بما تحمله من تطور حضاري وفكري وإنساني في ذلك الزمان، ميّز العرب والمسلمين وقتها، فكان هذا اللقاء بحسب المؤرخين من حسن طالع وسوء طالع آرن في ذات الوقت، فمن جهة تعلم وفهم وحاول استيعاب الحضارة بوجهها الإنساني، ومن سوء طالعه أنه لم يستطع أن يغير إلا القليل في بلاده التي كانت تعيش أسوأ مراحل تخلفها فيما بات يطلق عليه اليوم بالعصور المظلمة التي عمت أوروبا كلها في القرون الوسطى..
في المحصلة يعتقد كثيرون في هذه البلاد أنه رغم كل ذلك كان آرن وعبر لقائه صلاح الدين ممن وضعوا خطوة بمسافة الألف ميل أولاً في مسيرة التطور التي تعرفها بلاده، السويد اليوم، وثانياً في مشروع الحوار والانفتاح بين الحضارتين العربية والإسلامية من جهة والحضارة الأوروبية والغربية من جهة أخرى.. وهو المشروع الذي يجد ترجمته اليوم في السويد عبر نشاطات جمعية الثقافة العربية السويدية، الذي يحمل اسماً مستمداً من أسطورة آرن ورحلته إلى المنطقة العربية (لقد التقينا من قبل).
خطوة أخرى في مسافة الألف ميل!
عبر قصة آرن، ومن خلال المعاني التي تحملها، تحاول سيدة الأعمال والمستشارة الثقافية السياحية، ورئيسة جمعية الثقافة العربية السويدية من أصل سوري، هدى الزعبي، مواصلة مشوار الحوار والانفتاح على الآخر، وتأخذ على عاتقها أن تضيف خطوة أخرى على طريق التواصل واللقاء بين الحضارتين العربية والإسلامية التي تستمد الزعبي جذورها منها والإسكندنافية والأوروبية التي اندمجت فيها وتنتمي إليها اليوم باعتبارها مواطنة سويدية، وذلك رغم انقلاب الأدوار بين أحفاد صلاح الدين من جهة وأحفاد آرن من جهة أخرى!!
تقول هدى الزعبي: نعمل من خلال مشروع (لقد التقينا من قبل) على تغيير العقلية السويدية والإسكندنافية، أو بالأحرى تصحيح النظرة إلينا كعرب ومسلمين، مضيفاً: تبيّن لي من خلال حواراتي ومن خلال هذا المشروع أن هناك نقصاً كبيراً بالمعلومات عن الشرق الأوسط.. المعلومات الوحيدة المتوافرة هي عن إسرائيل، أما فيما يخص قضايانا فحتى المعلومات المتداولة هي مغلوطة، وحتى السياسيين لا يعرفون عنا شيئاً.. إنهم لا يعرفون حتى ما هي الروابط التي تجمعنا كعرب، ولا يفهمونها!!
وبالفعل، تؤكد النائبة في البرلمان السويدي عن الحزب اليساري أليس أوسلو، على هذه الفكرة، فكرة غياب المعلومات عن كل ما يتعلق بالقضايا العربية التي ينفرد حزبها بنظرة ورؤية موضوعية حيالها كقضية فلسطين واحتلال العراق بشكل خاص، فتقول:
التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط يتأثر هنا في السويد بما يُضخ في وسائل الإعلام العالمية، ونحن نعرف أن معظم هذه المعلومات التي تبثها وتنشرها وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية يحمل وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر القائمين عليها فيما تغيب عنها الحقائق أو يتم قلبها لتتوافق مع مصالح الغرب.
تضيف أوسلو: نحن كحزب يساري نملك رؤية مختلفة لقضاياكم، ونعرف مثلاً فيما يخص قضية فلسطين أنه من غير المنصف والمجدي أن يتم الضغط على الفلسطينيين ودفعهم لتقديم المزيد من التنازلات فيما ترفض إسرائيل من جانبها تقديم أي تنازل، كما نعتقد أن غزو العراق واحتلاله جاء مخالفاً للشرعية الدولية، وحتى لو اعتبروه تحريراً فإنه لم يجر تحت مظلة الأمم المتحدة..
وإذا كان هذا الرأي وهذه النظرة هي الأكثر موضوعية وجرأة في الوسط السياسي السويدي، وهي نظرة حزب اليسار، فلنا أن نتخيل كيف هي الصورة في باقي المشهد السياسي السويدي الذي يبدو متأثراً إلى حد كبير بحسب العديد من المراقبين والصحفيين هنا بالمقاربة الأمريكية والأوروبية لقضايانا، وهذا التأثر يبدو موصولاً إلى شرائح كبيرة من المجتمع السويدي باستثناء شريحة من المثقفين والصحفيين والكتاب ممن زاروا المنطقة وعاينوا مشاكلها عن قرب.افهم نفسك أولاً!
هذه العبارة هي الجواب على السؤال المحير الذي مازال العرب يطرحونه على أنفسهم هنا وهناك.. لماذا لا يفهموننا ويفهمون قضايانا؟
إنه الجواب الذي اكتشفته السيدة هدى الزعبي وعدد قليل من العرب والسوريين في السويد.
تقول الزعبي: عندما جئت إلى هذه البلاد قبل 28 سنة عرفت وأحسست أن كل الناس ضد قضيتنا، لم يقولوها صراحة، ولكنها كانت واضحة بالنسبة لي، ولذلك تعاهدت مع نفسي ألا أعمل أي شيء في هذا البلد إلا لصالح قضية بلادي، وهنا بدأ مشواري في بلدي الحالي (السويد).
تضيف: عملت في مجالات متنوعة، أتقنت اللغة السويدية أولاً وخضعت للعديد من الدورات وورشات التدريب (فهذا بلد لا يخلو من ورشات العمل والتدريب، إنه كخلية نحل).. تعلمت أن أستمع وأراقب، وأدركت هنا قيمة العمل الجماعي، فهذا أيضاً بلد مبني على أساس العمل الجماعي، وهو سر نجاح وتطور السويد وغيرها من المجتمعات المتفوقة.
وبعد أن انخرطت في عشرات الدورات التدريبية في مختلف المجالات، بدأت هدى الزعبي العمل مع اللاجئين العرب والأكراد في الثمانينيات، تقول: تعاملت أولاً مع حوالي 2000 لاجئ وكنت صلة الوصل بينهم وبين مختلف هيئات الدولة التعليمية والصحية وغيرها... وأظهرت السيدة السورية تميزاً واضحاً في عملها الأمر الذي دفع المسؤولين والمتابعين لعملها على تشجيعها لإنشاء جمعية وتأسيس مشروعها الخاص. وكان الخيار هو السياحة باعتبارها أفضل وسائل التواصل بين الشعوب، والطريقة الأفضل لجعل الآخرين يرونك على حقيقتك كما تقول.
وتتذكر الزعبي أحد أكثر الأحداث التي تعتبرها نقطة تحول في حياتها: «في عام 1990 ضُرب ملجأ العامرية في بغداد، بينما كنت في اجتماع بأحد المراكز الثقافية، فرحت أبكي لهول ما حدث، فجاء صحفي سويدي كبير ليسألني لماذا تبكين وأهلك ليسوا هناك؟ فصعقت للسؤال ورحت أشرح له الروابط التي تجمعنا كعرب والظلم الواقع على بلادنا وأطماع الغرب ودعمه لإسرائيل على حسابنا، فاستوقفني قائلاً: هدى.. أنا أعرف كل شيء.. لكن أنت يجب أن تتعمقي أكثر في تاريخكم وتفهميه أكثر، ويجب بعد ذلك أن تحاولي إيصال ذلك إلى السويديين عبر دورات ولقاءات تتحدثين فيها عن بلدكسورية وعن البلاد العربية، يجب أن تعرضي قضاياكم أمامهم» تقول الزعبي: كانت هذه محطة هامة لأعرف ماذا أريد وأحدد خياراتي..
بعد ذلك أسست الزعبي مشروعها الخاص (وكالة السفر البدوية Bedouin Travel AB) وبدأت بالترويج لجولات سياحية إلى سورية ولبنان والأردن، وكانت بالتزامن مع ذلك تقوم بتقديم عروض فنية وثقافية عبر جمعية الثقافة العربية السويدية، »التي ترأسها حالياً» عروض استطاعت كما تقول الزعبي تعريف الشعب السويدي بثقافتنا العربية وتراثنا وقضايانا أكثر مما تستطيع أي سفارة أن تقوم به، وركزت خاصة على منطقة بلاد الشام، لكن المشروع لم يخلُ من الصعوبات والمنغصات التي كانت تطرأ في كل مرة نتيجة للظروف التي تعيشها المنطقة العربية (فأعمالي والبرامج والرحلات السياحية التي كنا نعد لها كانت في كل مرة تتأثر بما يجري في منطقتنا من أحداث وحروب..).
منذ ذلك الوقت استطاعت السيدة السورية تنفيذ العديد من الجولات السياحية للسويديين بمن فيهم من سياسيين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية ذهبوا إلى سورية وعاينوا الواقع وتأثروا كثيراً بما شاهدوا وسمعوا..بعد الانفتاح ورغم الانفتاح!!
اليوم، وبعد أن تغيرت الأحوال في سورية، واتجهت البلاد نحو الانفتاح، ازداد نشاط هدى الزعبي وأصبحت دائمة السفر بين سورية والسويد، تتابع عن كثب ما يحدث من تغيرات وتطورات خاصة على صعيد البيئة التشريعية.
تقول: في مؤتمر المغتربين السابق كنت من بين المدعوين.. وتأثرت بالدعوة الصادقة للرئيس بشار الأسد للمغتربين بالمساهمة في بناء البلد وشعرت بالمسؤولية تجاه ذلك، لأبدأ بدوري هنا في السويد بدعوة رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الاقتصادية إلى الاستثمار في سورية، شارحةً لهم التغيرات التي تحصل في البلد والقوانين الجديدة التي تصدر تباعاً.. والإمكانيات الكبيرة والمزايا التي يمكن أن يحققها لهم الاستثمار في سورية.
تضيف الزعبي: أحاول استثمار كل علاقاتي في المجتمع السويدي (وهي كثيرة ومتشعبة) لإقناع المستثمرين في السويد بالتوجه إلى السوق السوري القادم إلى الانفتاح.. واليوم وقبل انطلاق مؤتمر السياحة في دمشق حشدت كامل طاقتي لإقناع بعض الشركات السويدية بالحضور والاطلاع على الفرص التي يمكن أن يوفرها المؤتمر.
لكن الزعبي، ورغم ذلك، تشكو من وجود العديد من الصعوبات التي تواجه اندفاعها هذا وتتعلق جميعها بآلية سير الأمور في سورية.. فالدعوات للمؤتمر التي تحصل في سورية غالباً ما تصل متأخرة، الأمر الذي لا يتيح غالباً استجابة واسعة في أوساط المستثمرين والمسؤولين السويديين الذين يحضرون للذهاب إلى مؤتمرات كهذه، وتتم دعوتهم إليها قبل عام على حصولها أو على الأقل ستة أشهر، وليس كما يحصل في حالتنا، بحيث لا نعلم بأي مؤتمر سوى قبل شهر أو شهرين من انعقاده.. وهي مدة غير كافية للتحضير!
وتنتقل الزعبي إلى معوقات أخرى مازالت تعيق توجه المستثمرين إلى سورية.. فالفساد مازال أهم عقبة يمكن أن تمنع الأجانب والمغتربين على حد سواء من الذهاب إلى سورية للاستثمار، وهناك العديد من الحكايات عن حجم الفساد والرشاوى الكبير هناك.. وأعتقد أن المشكلة استفحلت اليوم بحيث نرى أن هذا الفساد الذي كان يتموضع في مفاصل المؤسسات والإدارات العليا انتشر ليصيب المستويات الأقل ويصبح ثقافة لدى معظم الناس.. وهذه مصيبة كبيرة.
رغم ذلك لا تستبعد سيدة الأعمال السورية – السويدية إمكانية البدء بمشروع خاص بها في بلدها الأول.. معتبرةً أن هناك الكثير من الأفكار حول ذلك بحاجة إلى التبلور والنضوج.
سوريّة أخرى.. في بلد آخر!
جاءت من لندن لحضور مؤتمر الثقافة العربية – السويدية، وكان لقاؤها فرصةً لمعرفة المزيد عن السوريين في بلدان الاغتراب الأوروبية، إنها الفنانة التشكيلية والإعلامية السورية لوريس إبراهيم التي تعيش في لندن.
تتحدث لوريس إبراهيم عن الألم الذي يعتصرها للفرص التي نضيعها كعرب وسوريين في التعريف عن قضايانا، مستغربة المنطق الذي نتعامل وفقه مع الشعوب والحكومات الأوروبية.
تقول في هذا السياق: يجب أن لا نلوم الأوروبيين على عدم تفهمهم لقضايانا، وامتلاكهم لوجهات نظر لا نحبذها، إنهم ينظرون إلينا كما نقدم أنفسنا، ليسوا مقصرين بقدرنا، إنهم يتلقون معلوماتهم وبالتالي يشكلون وجهات نظرهم ورؤيتهم لقضايانا كما تطرحها وسائل إعلامهم، فلماذا لا نحاول الدخول عليهم بنفس الأسلوب، أين وسائل إعلامنا الموجهة إلى أوروبا؟ علينا أن نجعلهم يفهموننا ويقتنعون بصوابية مواقفنا عبر الأفعال وليس بالكلام والمزيد من الكلام!! ليس هذا فحسب، بل إنهم يحكمون علينا من خلال سلوكيات وأعمال المقيمين منا هنا في ديارهم، وهي سلوكيات غير مقبولة على الإطلاق.
ويؤكد على هذا الأمر العديد من العرب والسوريين والسويديين أيضاً.
فالعرب هنا مثلاً في السويد كما في لندن يرفضون الاندماج بمعظمهم، ويرفضون تعلم لغة البلد الذي أصبح بلدهم الآن، ما يعني بالضرورة رفضهم العمل الذي يبدو متاحاً هنا على الأقل في السويد لكل من يتعلم لغة البلد، ويكتفي معظم المهاجرين من العرب والمسلمين بمنحة الحكومة السويدية والرواتب التي تدفع لهم كتعويض عن البطالة الأمر الذي يترك أثراً سلبياً لدى الشعب السويدي تجاه هؤلاء معتبرين أن هؤلاء يعيشون على حسابهم ومن خلال الضرائب التي يدفعونها من جيوبهم للحكومة، والأسوأ من ذلك أنهم ينغلقون على أنفسهم وعلى بعضهم في مجتمع وبلد يوفر لهم فرصاً لا يحلمون بها في تطوير أنفسهم وإقامة مشاريعهم الخاصة وهو ما استطاع بعض المهاجرين من أوروبا الشرقية وتركيا وإيران استثماره بشكل كبير، فأسسوا مشاريعهم الخاصة واندمجوا في مجتمع السويد الذي لا يخلو من تعصب لكنه مفتوح لكل مواطنيه الراغبين بالاندماج.
إذن يفضل عدد كبير من المهاجرين العرب وخاصة الوافدين حديثاً إلى السويد تقاضي مبلغ (2000) كورونر أي حوالي 400 دولار أمريكي، مع إمكانية الاستشفاء مجاناً على بذل أي جهود لتعلم السويدية والحصول بعدها على فرصة عمل حقيقية، ومن يعيش في السويد يعرف أن هذا الراتب لا يكفي الحد الأدنى من حاجة الإنسان، اللهم إلا من يقفل على نفسه الباب رافضاً مجرد النظر إلى عالم من الفرص والأحلام الضائعة!ردة فعل سلبية
في الواقع لا يقدم هؤلاء المهاجرين نموذجاً جيداً للعرب والمسلمين في السويد كما غيرها من البلاد الأوروبية، ويمكن لكثيرين من العرب أنفسهم أن يشرحوا لك ردة الفعل السلبية وتصاعد الغضب والكره والتعصب تجاه العرب والمسلمين عموماً نتيجة لما سبق.
تقول لينا الجبلي (أول صحفية من أصل عربي تستطيع اختراق كل الحواجز والدخول إلى أهم مؤسسة إعلامية سويدية – تلفزيون SVT): من خلال عملي كصحفية استقصائية في الراديو والآن في التلفزيون أستطيع ملاحظة الإصرار لدى الكثير من المهاجرين العرب والمسلمين على البقاء في قواقع ورفض الانفتاح على مجتمع يحتضنهم بعد أن طردتهم بلدانهم الأصلية.
وتسرد لينا الفلسطينية الجذور والسويدية المولد بعض الأمثلة التي عملت عليها شخصياً فتقول: عملت أولاً على موضوع أعتقد أنه في غاية الخطورة وهو يظهر العقلية العربية والشرقية التي يصر معظم المهاجرين على تكريسها هنا، فالعائلات المسلمة بمعظمها تسمح لأبنائها الذكور بمرافقة الفتيات السويديات وإقامة العلاقات الجنسية وغير الجنسية مع هؤلاء الفتيات، لتقوم من جهة أخرى بمنع بناتها حتى من الاختلاط الطبيعي مع السويديين من الذكور، في منطق يظهر مدى التناقض والتخلف الشديدين، الأمر الذي أدى لدى انكشافه للسويديين إلى ردة فعل غاضبة تجاه كل ما هو عربي ومسلم، وهو ما استوجب من الحكومة السويدية اتخاذ إجراءات مشددة تجاه الأهالي الذين يمارسون مثل هذا السلوك، فأصبح الآن بإمكان الفتاة العربية والمسلمة فوق عمر 15 سنة أن تشتكي للجهات المختصة من سلوك أهلها ومنعهم لها من الاختلاط أو التقارب من السويديين لتقوم هذه الجهات بنقلها من بيت أهلها ومنعهم من رؤيتها وإيداعها في مؤسسات رعاية تكفل لها حرية المخالطة والزواج حتى بمن تريد!! فالقوانين السويدية تمنع التمييز بين الذكور والإناث وتكفل الحرية للشاب والفتاة باختيار نوع الحياة التي يرغبان بها بغض النظر عن موقف الأهل.
من جانب آخر، وفي موضوع آخر يظهر المبررات التي تدفع السويديين إلى التعصب وكره العرب والمسلمين، يظهر أحد التحقيقات التي يعمل عليها التلفزيون السويدي أن مخالفات كثيرة يتم ارتكابها من قبل العرب والمسلمين، في بلد يعتبر من أكثر بلدان العالم التزاماً بالأنظمة والقوانين.
وتضرب لينا مثالاً آخر في هذا السياق لتقول: عندما كنا نعمل على تحقيق تلفزيوني حول وجود بعض الجهات التي تبيع الكحول المغشوشة لمراهقين سويديين دون سن الـ20 (يمنع القانون السويدي بيع الكحول لمن دون سن العشرين) اتضح أن الموزع الرئيسي لهذه المادة كان فلسطيني الجنسية.. وتشير لينا هنا إلى هول صدمتها عند معرفتها أن نفس الشخص الذي يبيع الكحول لمراهقين سويديين يمنع ويحرّم على أبنائه الشرب والاختلاط أيضاً!!سوريّو السويد وسوريّو سورية!!
تعيش في السويد جالية سورية تضم بضعة آلاف معظمهم من السريان والآشوريين والكلدان، ويتركز هؤلاء في العاصمة السويدية استوكهولم ومدينة غوديبيرغ الجنوبية، وعلى عكس معظم العرب يتمتع هؤلاء بسمعة جيدة في السويد، نظراً لانخراطهم في المجتمع السويدي ونجاحاتهم الملحوظة على صعيد التجارة والأعمال (استيراد وتصدير) وهناك حي كامل في استوكهولم معروف بأنه دمشق الصغرى هو حي سودر تيلييه (Soder Talije)، وفي المقابل هناك قسم من السوريين يعملون في مطاعم خاصة بهم أو في مطاعم تركية، من هؤلاء بيتر حنا الذي استوطن في مدينة غوديبرغ منذ عشر سنوات، ويعمل حالياً في أحد المطاعم التركية المنتشرة في المدينة.
يقول بيتر: هذه بلاد رائعة، وتفتح أبوابها لكل الناس، ومن يريد العمل هنا عليه أولاً إتقان اللغة السويدية.
ورغم إعجابه بالحياة هنا والمدخول الكبير الذي يحصل عليه من عمله هذا، إلا أنه يشير إلى غلاء المعيشة وحجم الضرائب الكبير الذي يدفع للدولة، فيقول: أتقاضى حوالي 100 كرونر في الساعة أي حوالي 600 كرونر في اليوم و3000 كرونر في خمسة أيام عمل في الأسبوع بما يوازي حوالي 12 ألف كرونر في الشهر (أكثر من 100 ألف ليرة سورية)، إلا أن نسبة الضرائب العالية (تقتطع الحكومة 30% من الراتب شهرياً) وغلاء إيجار المساكن (بين 4 و6 آلاف كرونر شهرياً) إضافة إلى فواتير الكهرباء والمياه وغيرها، لا يسمح بادخار الكثير من النقود، رغم أن الاستشفاء مجاني، ورغم أن الدولة تدفع مبلغاً كبيراً كتأمينات للتقاعد.
ويؤكد على هذه الفكرة العديد من المهاجرين والسويديين فيقول أحد الصحفيين السويديين: يحصل الصحفي المبتدئ مثلاً في أهم تلفزيون سويدي على 22 ألف كرونر فيما يحصل الصحفي المحترف على 31 ألفاً ليرتفع الأجر لدى مدير التحرير (برودريسر) إلى حوالي 55 ألفاً تحصل الدولة منها أيضاً على 30% كضرائب، فيما تدفع المؤسسة لكل واحد من هؤلاء ما يوازي مرتبه كتأمينات صحية وتقاعد وغيرها...
وفي مقارنة بسيطة بين الواقع المعاشي والأجور بين سورية والسويد يتبين وبما يدعو للدهشة أنه مع حساب غلاء المعيشة الكبير جداً في السويد مع المعيشة في سورية رغم ارتفاع الأسعار الكبير مؤخراً، أن لا فرق كبيراً كما نتخيل بين ما يتقاضاه على سبيل المثال صحفي سويدي وآخر سوري، ولكن مع وجود العديد من الفروق الجوهرية، فأولاً الصحفي السويدي يعمل في مؤسسة واحدة تدفع له هذا الأجر ومثله كتأمينات فيما يعمل الصحفي السوري في مؤسستين أو ثلاث على الأقل ليتقاضى مبلغاً موازياً لزميله في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، ولكن غالباً بدون وجود نظام تأمينات يكفل له كل احتياجاته الصحية وغير الصحية، وتقاعداً مريحاً ومرفهاً، لا بل يستطيع عبر أنظمة الإقراض والبنوك والتأمين امتلاك منزل بمواصفات فاخرة وسيارة على الأقل من طراز فولفو أو ساب السويديتي الصنع إن هو رغب، على عكس الصحفي السوري الذي يحلم غالباً باقتناء منزل في أحد أحياء المخالفات أو سيارة من طراز شام سورية التجميع!
في المحصلة يبدو جلياً أهمية شبكات الضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي التي توفرها الحكومة السويدية وبأفضل نوعية معروفة في العالم على عكس مثيلتها السورية التي وإن توفرت فهي في أدنى جودة معروفة في العالم!! وربما هذا هو الفرق بين اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تنتهجه السويد ويوفر حياة كريمة ومرفهة لسكانها واقتصاد السوق الاجتماعي الذي تحاول سورية انتهاجه منذ سنوات دون أن يسفر حتى الآن سوى عن إفقار الشريحة الواسعة من الشعب رغم تحسن الرواتب والأجور المزعوم!!
أكلة لحوم البشر.. أرقى أمم العالم!!
قبل نحو ألف عام ذهب أحمد بن فضلون العربي المسلم في رحلة قادته إلى بلاد الشمال (الدول الإسكندنافية) ليشهد على وجود بشر من آكلي لحوم البشر في تلك البلاد، وليُصعق بوجود أقوام وسلالات الفايكنغ المتوحشة والبربرية في وقت كانت الحضارة العربية والإسلامية تشرق بثقافتها وتطورها على سائر المعمورة، وتبدع في كافة العلوم ومجالات الحياة..
أما اليوم، وفيما لو قُيّض لابن فضلون أن يعلم أن هذه البلاد التي عرفها في رحلته تلك تحولت إلى أرقى ثلاث دول في العالم تضم السويد والدانمارك والنرويج وتتمتع بأعلى مستويات الدخل والرفاهية المعروفة في العالم، وبأحسن درجات الشفافية الاقتصادية والقانونية والسياسية وبأفضل سجل لحقوق الإنسان والحيوان على حد سواء، لكان صرخ بأعلى صوته: أريد أن أكون فايكنغ!!
تعليقي: يا ابن فضلون رغم مرور الف عام ورغم كل هذا التطور والانسانية إلا انهم لا يزالون يأكلون لحومنا ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق