دكتور عمران الكبيسي
الثلاثاء 22 فبراير 2011
لكي لا تنسى أميركا جرائمها في العراق، ولكي يتذكر من عاش المأساة الذكرى، ولكي لا يغيب عن الأعين النفاق الدولي وازدواجية المعايير والكيل بمعيارين، ولنكشف زيف الضمير العالمي وقلة الحياء، نتذكر ونذكر، فإذا نامت عين الظالم، فعين المظلوم لا تنام.
بالأمس كنت متسمرا أمام التلفاز أرقب الأحداث في البحرين بقلب مكلوم، فبحكم تجربتي عراقيا أدرك جيدا مآل الفتن حين تصيب أبناء الوطن، ولفت نظري خبر الرئيس الأميركي يطلب من الحكومة البحرينية عدم استعمال العنف ضد المتظاهرين، وتلته وزيرة خارجيته، ثم بان كيمون رئيس هيئة الأمم المتحدة، وبعدهم مسؤولة المفوضية الأوروبية، وآخرين حتى إيران، - يا للمهزلة! - هؤلاء لم يناموا الليل قلقين على الأوضاع في البحرين- يا سبحان الله - هم يأسفون لسقوط أربعة ضحايا، ولم يعد بإمكانهم رؤية المزيد، وكنت أفرح – والله - لو صدقوا، وكانت نواياهم سليمة، لكنهم قالوا حقا وأرادوا باطلا. مساكين كم هؤلاء رحماء مشفقون؟ والله عرفناهم “كذابين مثل الثعابين”، يتلونون تلوينا، لا ذمة لهم ولا دين، دموعهم دموع تماسيح.
إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم
لم أتمالك دموعي وهي تنهمر بغزارة، فصورة جريمة أميركا بملجأ العامرية، وأجساد الضحايا الملتصقة بالجدران والأسلاك والقضبان محفورة في مخيلتي لا تبرحها، في فبراير 1991 كانت الطائرات الأميركية تجوب أجواء بغداد، تقصف محطات الماء والكهرباء، والمراكز المدنية الحيوية، ودور المواطنين بلا رحمة، ولم أر منهم من يشفق ويتأسف على ما تخلفه من قتل دمار، ولم يعد بيد البغداديين غير الالتجاء إلى الملاجئ المحصنة التي بنيت أثناء الحرب العراقية الإيرانية لتحمي الأطفال والنساء عند الغارات من هول الحرب ومشاهدها. وكان الملجأ رقم خمسة وعشرين في حي العامرية غرب بغداد يضم خمسمئة روح إنسانية غالبيتهم من النساء والأطفال، فالرجال باقون في البيوت يحرسونها.
كان الملجأ ضد الضربات النووية والأسلحة غير التقليدية الكيماوية والجرثومية والإشعاع الذري والنووي. وأميركا والدول العظمى لديها فكرة عن الملاجئ ومواقعها، فعليها إشارات دولية، ولا يمكن أن يخطئ الطيارون أنها ملاجئ مدنية آمنة لا يجوز قصفها وفق القوانين الدولية والإنسانية. بيد أن للأميركيين أعذارهم الخاصة التي تميزهم عن سائر الدول، هم وحدهم الذين يستحقون الحياة ولا يسألون عن ضحاياهم!
فجأة في الرابعة والنصف فجرا مع الأذان والصلاة، تحلق طائرتان أميركيتان أف 117 فوق الملجأ، وبعد دورتين حوله، تقصفه بقنبلتين ذكيتين نوع جي بي يو 37 موجهة بالليزر، عيار ألفي رطل الأولى، حلزونية أوهنت السقف والثانية ثقبته، وتلتها قنابل حرارية صهرت كل شيء داخل الملجأ، وقصفت محرك الأبواب، ومنفذ التهوية، فصهرت أربعمئة وثمانية أشخاص، بينهم مئة وإحدى وستون امرأة، واثنان وخمسون رضيعا، وست وثلاثون عربيا، والبقية صبيان وصبايا بعمر الورود، فالملجأ تشغله الأسر من دون الرجال، ففقدت أسر بكاملها لآباء وأمهات ما عاد بإمكانهم الإنجاب ثانية، ونجا عشرات كانوا قرب المنافذ هربوا قبل أن تنغلق الأبواب.
حجة الأميركان أنهم اشتبهوا بوجود قيادات، ومرسلات إذاعية، وتأكد تعمدهم وسقطت ورقة التوت عن عورتهم، ولم يعد مهما أن تعترف أميركا بخطئها، ولكن بعد أن مرت عشرين سنة ماذا فعلت للضحايا؟ هل تعاطف الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه مع ذوي الضحايا الأبرياء؟ وهل عوض احد منهم نتيجة هذا الخطأ الفادح؟ وهل يمكن لدولة عظمى قطب تحترم نفسها أن ترتكب مجزرة إنسانية كهذه تحت أي ذريعة؟ أربعمئة وثمانية ضحايا صهرت النار أجسادهم وهم نائمون، لم تؤرق ليل أميركا، ولا هيئة الأمم ولا المفوضية الأوروبية وجيوشها المشاركة في القصف! ولم يتأس احد منهم على أرواح ضحايا مدنيين، لم يتظاهروا، ولم يعتصموا، ولم يهتفوا بسقوط بوش، ولا ولا، كانوا هاربين من جحيم الموت إلى السلام والأمان فلحقتهم أميركا التي لا تخطئ إلى أماكن محرمة فقتلتهم فيها غدرا عمدا وما أسفت! وما أسفت أميركا وحزنت لضحايا غزة؟ وما أسفت لضحايا المخيمات في لبنان، وما استنكرت مجازر صبرا وشاتيلا؟
أميركا لم تحزن على أبنائنا الذين سقطوا في البحرين فدموعهم خديعة، هم يريدون دق اسفين الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ويصفقون لذلك في كل بلد عربي وإسلامي، ونشهد مجازرهم في أفغانستان وفي باكستان على ذلك، فما بالهم وديعين اليوم إلى هذه الدرجة؟ “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنا يؤفكون” المنافقون 4.
الثلاثاء 22 فبراير 2011
لكي لا تنسى أميركا جرائمها في العراق، ولكي يتذكر من عاش المأساة الذكرى، ولكي لا يغيب عن الأعين النفاق الدولي وازدواجية المعايير والكيل بمعيارين، ولنكشف زيف الضمير العالمي وقلة الحياء، نتذكر ونذكر، فإذا نامت عين الظالم، فعين المظلوم لا تنام.
بالأمس كنت متسمرا أمام التلفاز أرقب الأحداث في البحرين بقلب مكلوم، فبحكم تجربتي عراقيا أدرك جيدا مآل الفتن حين تصيب أبناء الوطن، ولفت نظري خبر الرئيس الأميركي يطلب من الحكومة البحرينية عدم استعمال العنف ضد المتظاهرين، وتلته وزيرة خارجيته، ثم بان كيمون رئيس هيئة الأمم المتحدة، وبعدهم مسؤولة المفوضية الأوروبية، وآخرين حتى إيران، - يا للمهزلة! - هؤلاء لم يناموا الليل قلقين على الأوضاع في البحرين- يا سبحان الله - هم يأسفون لسقوط أربعة ضحايا، ولم يعد بإمكانهم رؤية المزيد، وكنت أفرح – والله - لو صدقوا، وكانت نواياهم سليمة، لكنهم قالوا حقا وأرادوا باطلا. مساكين كم هؤلاء رحماء مشفقون؟ والله عرفناهم “كذابين مثل الثعابين”، يتلونون تلوينا، لا ذمة لهم ولا دين، دموعهم دموع تماسيح.
إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم
لم أتمالك دموعي وهي تنهمر بغزارة، فصورة جريمة أميركا بملجأ العامرية، وأجساد الضحايا الملتصقة بالجدران والأسلاك والقضبان محفورة في مخيلتي لا تبرحها، في فبراير 1991 كانت الطائرات الأميركية تجوب أجواء بغداد، تقصف محطات الماء والكهرباء، والمراكز المدنية الحيوية، ودور المواطنين بلا رحمة، ولم أر منهم من يشفق ويتأسف على ما تخلفه من قتل دمار، ولم يعد بيد البغداديين غير الالتجاء إلى الملاجئ المحصنة التي بنيت أثناء الحرب العراقية الإيرانية لتحمي الأطفال والنساء عند الغارات من هول الحرب ومشاهدها. وكان الملجأ رقم خمسة وعشرين في حي العامرية غرب بغداد يضم خمسمئة روح إنسانية غالبيتهم من النساء والأطفال، فالرجال باقون في البيوت يحرسونها.
كان الملجأ ضد الضربات النووية والأسلحة غير التقليدية الكيماوية والجرثومية والإشعاع الذري والنووي. وأميركا والدول العظمى لديها فكرة عن الملاجئ ومواقعها، فعليها إشارات دولية، ولا يمكن أن يخطئ الطيارون أنها ملاجئ مدنية آمنة لا يجوز قصفها وفق القوانين الدولية والإنسانية. بيد أن للأميركيين أعذارهم الخاصة التي تميزهم عن سائر الدول، هم وحدهم الذين يستحقون الحياة ولا يسألون عن ضحاياهم!
فجأة في الرابعة والنصف فجرا مع الأذان والصلاة، تحلق طائرتان أميركيتان أف 117 فوق الملجأ، وبعد دورتين حوله، تقصفه بقنبلتين ذكيتين نوع جي بي يو 37 موجهة بالليزر، عيار ألفي رطل الأولى، حلزونية أوهنت السقف والثانية ثقبته، وتلتها قنابل حرارية صهرت كل شيء داخل الملجأ، وقصفت محرك الأبواب، ومنفذ التهوية، فصهرت أربعمئة وثمانية أشخاص، بينهم مئة وإحدى وستون امرأة، واثنان وخمسون رضيعا، وست وثلاثون عربيا، والبقية صبيان وصبايا بعمر الورود، فالملجأ تشغله الأسر من دون الرجال، ففقدت أسر بكاملها لآباء وأمهات ما عاد بإمكانهم الإنجاب ثانية، ونجا عشرات كانوا قرب المنافذ هربوا قبل أن تنغلق الأبواب.
حجة الأميركان أنهم اشتبهوا بوجود قيادات، ومرسلات إذاعية، وتأكد تعمدهم وسقطت ورقة التوت عن عورتهم، ولم يعد مهما أن تعترف أميركا بخطئها، ولكن بعد أن مرت عشرين سنة ماذا فعلت للضحايا؟ هل تعاطف الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه مع ذوي الضحايا الأبرياء؟ وهل عوض احد منهم نتيجة هذا الخطأ الفادح؟ وهل يمكن لدولة عظمى قطب تحترم نفسها أن ترتكب مجزرة إنسانية كهذه تحت أي ذريعة؟ أربعمئة وثمانية ضحايا صهرت النار أجسادهم وهم نائمون، لم تؤرق ليل أميركا، ولا هيئة الأمم ولا المفوضية الأوروبية وجيوشها المشاركة في القصف! ولم يتأس احد منهم على أرواح ضحايا مدنيين، لم يتظاهروا، ولم يعتصموا، ولم يهتفوا بسقوط بوش، ولا ولا، كانوا هاربين من جحيم الموت إلى السلام والأمان فلحقتهم أميركا التي لا تخطئ إلى أماكن محرمة فقتلتهم فيها غدرا عمدا وما أسفت! وما أسفت أميركا وحزنت لضحايا غزة؟ وما أسفت لضحايا المخيمات في لبنان، وما استنكرت مجازر صبرا وشاتيلا؟
أميركا لم تحزن على أبنائنا الذين سقطوا في البحرين فدموعهم خديعة، هم يريدون دق اسفين الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ويصفقون لذلك في كل بلد عربي وإسلامي، ونشهد مجازرهم في أفغانستان وفي باكستان على ذلك، فما بالهم وديعين اليوم إلى هذه الدرجة؟ “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنا يؤفكون” المنافقون 4.
اتحاد ثوار العراق
ردحذفانشاء الله يتحرر العراق
اللهم امين
إن شاء الله
ردحذفبسواعدكم وإرادة شباب العراق